كورونا يحفز التهابا في الدماغ شبيها بمرض الشلل الرعاش
توصلت دراسة حديثة إلى أن مرض كوفيد-19 يؤدي إلى استجابة التهابية في الدماغ شبيهة بتلك التي تحدث بسبب مرض الشلل الرعاش “باركنسون” (Parkinson’s disease).
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة كيوينزلاند الأسترالية، ونشرت في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الحالي في مجلة الطب النفسي الجزيئي (Molecular Psychiatry)، وكتب عنها موقع “يوريك أليرت” (EurekAlert).
قاد الفريق البحثي الأستاذ الدكتور ترينت ووردروف والدكتور إدواردو ألبورنوز بالماسيدا من قسم العلوم الطبية والحيوية في جامعة كيوينزلاند. وشارك في قيادة البحث الدكتور ألبرتو أماريلا أورتيز، والأستاذ المساعد دانيال واترسون، كما شارك فيه 33 مؤلفا مشاركا من جامعة كيوينزلاند ومن دول أخرى.
ويقول الدكتور ووردروف إنهم درسوا تأثير الفيروس على خلايا الدماغ المناعية المعروفة باسم الخلايا الدبقية الصغيرة (microglia)، التي تلعب دورا هاما في تقدم أمراض عصبية مثل مرضي باركنسون وألزهايمر.
زراعة الخلايا الدبقية الصغيرة
وأضاف ووردروف أن الفريق البحثي زرعوا الخلايا الدبقية الصغيرة في المختبر، ونقلوا لها الفيروس المسبب لكوفيد-19 المعروف باسم “سارس-كوف-2” (SARS-CoV-2)، ليجدوا أن الخلايا حفزت المسار نفسه الذي تقوم البروتينات في مرضي باركنسون وألزهايمر بتحفيزه والمعروف باسم “الجسيم الالتهابي إن إل آر بي 3” (NLRP3 inflammasomes).
والخلايا الدبقية الصغيرة هي أبرز الخلايا المناعية في الجهاز العصبي المركزي “سي إن إس” (CNS)، وهي أول من يستجيب عندما يحدث خطأ ما في الدماغ.
وتمثل مجموعة الخلايا الدبقية الصغيرة حوالي 10% من الخلايا في الدماغ كله. وعلى مر السنين، جذبت الوظائف المناعية لهذه الخلايا الانتباه بسبب مشاركتها في جميع العمليات المرضية في الدماغ تقريبا، بما في ذلك الالتهاب والسكتة الدماغية والأمراض التنكسية العصبية والعدوى الفيروسية والبكتيرية.
من جهته قال الدكتور بالماسيدا إن تحفيز مسار الجسيم الالتهابي أطلق شرارة في الدماغ أشعلت عملية قتل مزمنة ومستدامة للخلايا العصبية.
وأضاف أن ذلك يمثل قاتلا صامتا لأنك لا تستطيع رؤية أعراض ظاهرة له لسنوات طويلة، الأمر الذي قد يفسر أن الأشخاص الذين أصيبوا بكوفيد-19 أكثر عرضة لحدوث أعراض عصبية شبيهة بتلك التي تحدث لدى مرضى باركنسون.
وجد الباحثون أن البروتين الشوكي للفيروس (Spike protein) كان كافيا لبدء العملية، كما كان كافيا لمفاقمة الحالة إذا ما كان في دماغ المريض بروتينات مرتبطة بمرض باركنسون أصلا.
يقول البروفيسور ووردروف إن تعرض مرضى باركنسون للإصابة بكوفيد-19 يشبه صب الزيت على النار. الأمر نفسه ينطبق على مرض ألزهايمر وأمراض الخرف الأخرى.
علاج محتمل
استخدم الباحثون صنفا من الأدوية المثبطة للجسيم الالتهابي “إن إل آر بي 3” (inhibitory drugs) التي تم تطويرها في جامعة كيوينزلاند، والتي تخضع الآن للتجارب السريرية.
وقال الدكتور بالماسيدا إنه تم تثبيط المسار الالتهابي الذي حفزته الإصابة بكوفيد 19، وقد كان الأمر أشبه بإطفاء النيران.
وأضاف أن الدواء خفض الالتهاب لدى الفئران المصابة بكوفيد-19 وفي الخلايا الدبقية الصغيرة التي أُخذت من البشر، وبالتالي قد يكون هذا الدواء علاجا مستقبليا لمنع أمراض الجهاز العصبي التنكسية.
وقال البروفيسور ووردروف إنه في حين أن التشابه بين كيفية تأثير مرض كوفيد-19 وأمراض الخرف على الدماغ كان مثيرا للقلق، إلا أنه يعني أيضا وجود علاج محتمل بالفعل.
وأضاف “هناك حاجة إلى مزيد من البحث، لكن من المحتمل أن يكون هذا نهجا جديدا لعلاج فيروس يمكن أن يكون له تداعيات صحية لا توصف على المدى الطويل”.