مسارات الصحة القلبية لدى الشباب وتأثيرها على المدى الطويل

يُعدّ موضوع الصحة القلبية الوعائية – أي الحالة الوظيفية للقلب والأوعية الدموية والعوامل المرتبطة بها – من أبرز الموضوعات في الصحة العامة اليوم. فما يحدث في فترة الشباب (حتى سنّ الثلاثين أو الأربعين) ليس فقط مؤشّراً على الحالة الصحية الحالية، بل يشكّل مساراً (trajectory) يمكن أن يُحدّد الحالة الصحية في منتصف العمر والمراحل المتقدمة فيما بعد.
ولقد أكّدت عدة دراسات حديثة أن مسارات مثل ضغط الدم، الكتلة الجسمانية، نمط الحياة والنشاط البدني في مرحلة الشباب مرتبطة بشكل كبير بمخاطر الإصابة بأمراض مثل القصور القلبي، السكتة الدماغية، وأمراض الشرايين التاجية لاحقاً. من هنا أهمية فهم هذه المسارات، الأسباب المؤثّرة، والسبل الوقائية التي يمكن اتخاذها مبكراً.

تعريفات أساسية

مسار الصحة (Trajectory of health): هو النمط الذي تتبعه حالة صحية معيّنة على مدى فترة زمنية — مثلاً ارتفاع تدريجي في ضغط الدم أو بقاءه منخفضاً ومستقراً.

الصحة القلبية الوعائية (Cardiovascular health – CVH): حالة القلب والأوعية الدموية فيما يتعلق بعوامل مثل ضغط الدم، الكوليسترول، سكر الدم، شاكلَة الجسم، النشاط البدني، التغذية، والتدخين.

الشباب (Young adulthood): في سياق الدراسات غالباً يُقصد به الفئة العمرية من نحو 18 إلى 39 سنة.

متابعة على المدى الطويل (Long-term follow up): تتبّع المشاركين لسنوات عدة بعد الفترة الأولى من القياس، لتحديد كيف تؤثّر الحالة الأولية أو المسار في نتائج مستقبلية.

ما أظهرت الدراسات الحديثة

مسار ضغط الدم في مرحلة الشباب وعلاقته بالأمراض القلبية لاحقاً

أظهرت دراسة كبيرة نُشرت في مجلة American Journal of Hypertension أن من يرتبط لديهم مسار «ضغط دم مرتفع ويتزايد» (elevated – increasing systolic blood pressure) ما بين عمر 18 و39 سنة، لديهم خطر أعلى بكثير للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بعد عمر 40 سنة. OUP Academic+1
تفاصيل إضافية:

• شمل التحليل أكثر من 6,579 مشاركاً من دراستي Coronary Artery Risk Development in Young Adults (CARDIA) و Framingham Heart Study. OUP Academic+1

• تحديد أربع مجموعات لمسار ضغط الدم الانقباضي (systolic BP) خلال الشباب، ومقارنة المجموعة «المنخفضة المستقرة» بالمجموعة «المرتفعة المتزايدة». وجدوا أن المجموعة الأخيرة كانت مرتبطة بخطر عالٍ للغاية:

  • خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي (CHD) نحو ‎3.25 مرة أعلى. PubMed

  • خطر الإصابة بالسكتة الدماغية نحو ‎3.92 مرة أعلى. PubMed

  • خطر فشل القلب (heart failure) نحو ‎8.30 مرة أعلى. PubMed

• استنتاجها أن التحكم بمسار ضغط الدم في مرحلة الشباب – وليس فقط عند اكتشاف ارتفاع فعلي – ضروري لتجنّب نتائج سيّئة في المستقبل.

الحالة الصحية القلبية الوعائية في مرحلة الشباب وعلاقتها بمسارات ضغط الدم لاحقاً

في دراسة أخرى من نفس المجموعة، تم استخدام مقاييس الصحة القلبية الوعائية المُضمَّنة في مبادئ American Heart Association “Life’s Essential 8” (LE8) — والتي تضم عوامل سلوكية وصحيّة — لتحليل ارتباط الحالة في مرحلة الشباب بمسارات ضغط الدم في منتصف العمر. PubMed
توضيحات:

• تمّ قياس مستوى الصحة القلبية الوعائية في الشباب (مثلاً التغذية، النشاط، التدخين، البدانة، الكوليسترول، سكر الدم) ثم تمّ تتبّع ضغط الدم من نحو 35 إلى نحو 55 سنة.

• النتائج: كلما كان وضع الصحة القلبية الوعائية في الشباب أفضل (أعلى درجة في LE8)، كلما قلت احتمالية الانضمام إلى مسارات ضغط الدم المرتفع أو المتزايد. تحديداً: كل زيادة بمقدار 10 نقاط في الدرجة الأساسية ارتبطت بخفض احتمالية الدخول في مسار ضغط الدم «Middle» أو «High-Increasing». PubMed

• استنتاج: الاستثمار في صحة القلب والأوعية في مرحلة الشباب ليس مجرّد تجميل صحي، بل خطوة وقائية أساسية لتجنّب تطوّر أمراض ضغط الدم – ومن ثم أمراض القلب – لاحقاً.

جودة الحياة المرتبطة بمسارات الصحة القلبية الوعائية

دراسة مالية من سلسلة CARDIA أيضاً بيّنت أن من حافظوا على «صحة قلبية وعائية مثالية» منذ البلوغ المبكر وحتى منتصف العمر، كان لديهم جودة حياة أعلى بكثير من الذين انخفضت حالتهم أو ظلّت منخفضة. PubMed
تفاصيل:

• من بين نحو 3,275 مشاركاً، حوالي 31% منهم حافظوا على حالة صحية قلبية وعائية مثالية على مدى المتابعة.

• مقارنة بالمجموعة ذات الصحة المنخفضة المستمرة، الحفاظ على الصحة المثالية ارتبط بزيادة نحو 5.9 نقاط في مكون الحياة الجسدية (PCS) و2.5 نقاط في المكون النفسي (MCS) لمقياس الصحة المرتبطة بالجودة الحياتية. PubMed

• يُشير ذلك إلى أن فوائد الصحة القلبية الوعائية الجيدة تتجاوز الوقاية من المرض، وتشمل تحسين جودة الحياة اليومية.

عوامل تؤثّر في المسارات — ما يمكن التعديل منه

يُظهر تحليل لمسارات ضغط الدم والعوامل المرتبطة بها في الشباب أنّ عدداً من العوامل التقليدية تؤثّر بشكل كبير:

• البدانة (BMI ≥30 كجم/م²): على سبيل المثال، في دراسة ضغط الدم لدى الشباب، البدانة ارتبطت بأعلى مسار ضغط دم. PubMed

• زيادة الوزن المفرطة (BMI 25-29.9 كجم/م²): أيضاً ارتبطت بخطر أعلى، وإن أقلّ من البدانة الصريحة. PubMed

• التدخين الحالي: وهو عامل مُعدّل مهم لمسار ضغط الدم. PubMed

• ما قبل السكري أو السكري: كانت مرتبطة أيضاً بمسارات ضغط الدم الأعلى. PubMed

• ارتفاع الكوليسترول الضار (LDL-C ≥160 ملغم/دس) عند البداية: ارتبط أيضاً بمسار أعلى. PubMed

• النشاط البدني، التغذية، أنماط الحياة الأخرى: الدراسات الحديثة تُشير إلى أن تحسين نمط الحياة منذ الشباب يمكن أن يبدّل المسار، لكن التفاصيل ما زالت تُطوّر. مثال: مسار النباتيين/النظام الغذائي النباتي لدى شباب أستراليين ارتبط بعلامات صحية أفضل. BioMed Central

ما أظهرت الدراسات الحديثة

مسار ضغط الدم في مرحلة الشباب وعلاقته بالأمراض القلبية لاحقاً

أظهرت دراسة كبيرة نُشرت في مجلة American Journal of Hypertension أن من يرتبط لديهم مسار «ضغط دم مرتفع ويتزايد» (elevated – increasing systolic blood pressure) ما بين عمر 18 و39 سنة، لديهم خطر أعلى بكثير للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بعد عمر 40 سنة. OUP Academic+1
تفاصيل إضافية:

• شمل التحليل أكثر من 6,579 مشاركاً من دراستي Coronary Artery Risk Development in Young Adults (CARDIA) و Framingham Heart Study. OUP Academic+1

• تحديد أربع مجموعات لمسار ضغط الدم الانقباضي (systolic BP) خلال الشباب، ومقارنة المجموعة «المنخفضة المستقرة» بالمجموعة «المرتفعة المتزايدة». وجدوا أن المجموعة الأخيرة كانت مرتبطة بخطر عالٍ للغاية:

  • خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي (CHD) نحو ‎3.25 مرة أعلى. PubMed

  • خطر الإصابة بالسكتة الدماغية نحو ‎3.92 مرة أعلى. PubMed

  • خطر فشل القلب (heart failure) نحو ‎8.30 مرة أعلى. PubMed

• استنتاجها أن التحكم بمسار ضغط الدم في مرحلة الشباب – وليس فقط عند اكتشاف ارتفاع فعلي – ضروري لتجنّب نتائج سيّئة في المستقبل.

الحالة الصحية القلبية الوعائية في مرحلة الشباب وعلاقتها بمسارات ضغط الدم لاحقاً

في دراسة أخرى من نفس المجموعة، تم استخدام مقاييس الصحة القلبية الوعائية المُضمَّنة في مبادئ American Heart Association “Life’s Essential 8” (LE8) — والتي تضم عوامل سلوكية وصحيّة — لتحليل ارتباط الحالة في مرحلة الشباب بمسارات ضغط الدم في منتصف العمر. PubMed
توضيحات:

• تمّ قياس مستوى الصحة القلبية الوعائية في الشباب (مثلاً التغذية، النشاط، التدخين، البدانة، الكوليسترول، سكر الدم) ثم تمّ تتبّع ضغط الدم من نحو 35 إلى نحو 55 سنة.

• النتائج: كلما كان وضع الصحة القلبية الوعائية في الشباب أفضل (أعلى درجة في LE8)، كلما قلت احتمالية الانضمام إلى مسارات ضغط الدم المرتفع أو المتزايد. تحديداً: كل زيادة بمقدار 10 نقاط في الدرجة الأساسية ارتبطت بخفض احتمالية الدخول في مسار ضغط الدم «Middle» أو «High-Increasing». PubMed

• استنتاج: الاستثمار في صحة القلب والأوعية في مرحلة الشباب ليس مجرّد تجميل صحي، بل خطوة وقائية أساسية لتجنّب تطوّر أمراض ضغط الدم – ومن ثم أمراض القلب – لاحقاً.

جودة الحياة المرتبطة بمسارات الصحة القلبية الوعائية

دراسة مالية من سلسلة CARDIA أيضاً بيّنت أن من حافظوا على «صحة قلبية وعائية مثالية» منذ البلوغ المبكر وحتى منتصف العمر، كان لديهم جودة حياة أعلى بكثير من الذين انخفضت حالتهم أو ظلّت منخفضة. PubMed
تفاصيل:

• من بين نحو 3,275 مشاركاً، حوالي 31% منهم حافظوا على حالة صحية قلبية وعائية مثالية على مدى المتابعة.

• مقارنة بالمجموعة ذات الصحة المنخفضة المستمرة، الحفاظ على الصحة المثالية ارتبط بزيادة نحو 5.9 نقاط في مكون الحياة الجسدية (PCS) و2.5 نقاط في المكون النفسي (MCS) لمقياس الصحة المرتبطة بالجودة الحياتية. PubMed

• يُشير ذلك إلى أن فوائد الصحة القلبية الوعائية الجيدة تتجاوز الوقاية من المرض، وتشمل تحسين جودة الحياة اليومية.

  عوامل تؤثّر في المسارات — ما يمكن التعديل منه

يُظهر تحليل لمسارات ضغط الدم والعوامل المرتبطة بها في الشباب أنّ عدداً من العوامل التقليدية تؤثّر بشكل كبير:

• البدانة (BMI ≥30 كجم/م²): على سبيل المثال، في دراسة ضغط الدم لدى الشباب، البدانة ارتبطت بأعلى مسار ضغط دم. PubMed

• زيادة الوزن المفرطة (BMI 25-29.9 كجم/م²): أيضاً ارتبطت بخطر أعلى، وإن أقلّ من البدانة الصريحة. PubMed

• التدخين الحالي: وهو عامل مُعدّل مهم لمسار ضغط الدم. PubMed

• ما قبل السكري أو السكري: كانت مرتبطة أيضاً بمسارات ضغط الدم الأعلى. PubMed

• ارتفاع الكوليسترول الضار (LDL-C ≥160 ملغم/دس) عند البداية: ارتبط أيضاً بمسار أعلى. PubMed

• النشاط البدني، التغذية، أنماط الحياة الأخرى: الدراسات الحديثة تُشير إلى أن تحسين نمط الحياة منذ الشباب يمكن أن يبدّل المسار، لكن التفاصيل ما زالت تُطوّر. مثال: مسار النباتيين/النظام الغذائي النباتي لدى شباب أستراليين ارتبط بعلامات صحية أفضل. BioMed Central