بحوث علميةتثقيفدراساتمعلومات طبيةمفاهيم طبية

الخلايا الجذعية

الخلايا الجذعية

الخلايا الجذعية: ما المقصود بها وما وظيفتها

توفر الخلايا الجذعية والمنتجات المشتقة منها وعدًا كبيرًا بعلاجات طبية جديدة. تعرف على أنواع الخلايا الجذعية، والاستخدامات الحالية والممكنة، والقضايا الأخلاقية وتقارير الأبحاث والممارسات.

لقد سمعت عن الخلايا الجذعية في الأخبار، وربما تتساءل عما إذا كانت قد تساعدك أو تساعد أحد أحبائك المصابين بأمراض خطيرة. قد تتساءل ما الخلايا الجذعية، وكيف تستخدم لعلاج الأمراض والإصابات، ولما هي موضوع هذا النقاش الحاد.

فيما يلي بعض الأجوبة للأسئلة المتداولة المتعلقة بالخلايا الجذعية.

ما المقصود بالخلايا الجذعية؟

الخلايا الجذعية هي المواد الخام بالجسم، فهي الخلايا التي تتولد منها جميع الخلايا الأخرى ذات الوظائف المتخصصة. وفي ظل الظروف المُناسبة في الجسم أو المختبر، تنقسم الخلايا الجذعية لتكوّن مزيدًا من الخلايا تسمى الخلايا الوليدة.

وهذه الخلايا الوليدة إما أن تصبح خلايا جذعية جديدة (ذاتية التجديد) أو خلايا متخصصة (متمايزة) ذات وظيفة متخصصة أخرى مثل خلايا الدم أو خلايا الدماغ أو خلايا عضلة القلب أو الخلايا العظمية. لا توجد خلايا أخرى في الجسم لها هذه القدرة الطبيعية على توليد أنواع خلايا جديدة.

ما سبب هذا الاهتمام بالخلايا الجذعية؟

يأمل الباحثون والأطباء في أن تساعد دراسات الخلايا الجذعية على ما يلي:

  • زيادة فهم كيفية حدوث المرض. من خلال مراقبة نمو الخلايا الجذعية لتصبح خلايا في العظام وعضلة القلب والأعصاب والأعضاء والأنسجة الأخرى، يمكن للباحثين والأطباء تحقيق فهم أفضل لكيفية الإصابة بالأمراض والحالات.
  • توليد الخلايا السليمة لتحل محل الخلايا المريضة (الطب التجديدي). يمكن توجيه الخلايا الجذعية لتصبح خلايا نوعية، والتي يمكن استخدامها لتجديد الأنسجة المريضة أو التالفة، وإصلاحها.

    تتضمن فئات المرضى الذين يمكن أن يستفيدوا من علاجات الخلايا الجذعية؛ المصابين بإصابات الحبل الشوكي، ومرض السكري من النوع الأول، ومرض باركنسون، والتصلب الجانبي الضموري، ومرض الزهايمر، ومرض القلب، والسكتة الدماغية، والحروق، والسرطان والفُصال العظمي.

    إن الخلايا الجذعية لديها القدرة لتنمو وتصبح نسيجًا جديدًا للاستخدام في عمليات الزراعة والطب التجديدي. ويواصل الباحثون تقديم المعلومات المتقدمة حول الخلايا الجذعية واستخداماتها في الزراعة والطب التجديدي.

  • اختبار الأدوية الجديدة لمعرفة سلامتها وفاعليتها. قبل استخدام الأدوية البحثية على الأفراد، يمكن للباحثين أن يستخدموا بعض أنواع الخلايا الجذعية لاختبار سلامة الأدوية وجودتها. ومن المرجح أن يكون لهذا النوع من الاختبار أثر مباشر على تصميم الدواء المخصص لاختبار تسمم القلب أولاً.

    تتضمن مجالات الدراسة الجديدة فاعلية استخدام الخلايا الجذعية البشرية، والتي خضعت للبرمجة لتصبح خلايا نسيجية نوعية لاختبار العقاقير الجديدة. ليكون اختبار العقاقير الجديدة دقيقًا، يجب برمجة الخلايا للحصول على خصائص نوعية للخلايا التي يستهدفها العقار. ولا يزال الباحثون يدرسون أساليب برمجة الخلايا لتصبح خلايا نوعية.

    على سبيل المثال، يمكن توليد الخلايا العصبية لاختبار العقار الجديد لعلاج الأمراض العصبية. وقد تظهر الاختبارات ما إذا كان العقار الجديد يحقق تأثيرًا على الخلايا وما إذا كانت الخلايا قد أصابها الضرر.

من أين تأتي الخلايا الجذعية؟

اكتشف الباحثون أن هناك عدة مصادر للخلايا الجذعية:

  • الخلايا الجذعية الجنينية. تأتي هذه الخلايا الجذعية من الأجنة التي تبلغ ثلاثة أيام إلى خمسة أيام. في هذه المرحلة، يسمى الجنين “كيسة أريمية” ويكون لديه 150 خلية تقريبًا.

    وهذه الخلايا الجذعية متعددة القدرات؛ أي إنها يمكن أن تنقسم إلى مزيد من الخلايا الجذعية أو يمكن أن تصبح أي نوع من الخلايا في الجسم. يتيح هذا التعدد إمكانية استخدام الخلايا الجذعية الجنينية لإعادة تكوين الأنسجة والأعضاء المريضة أو إصلاحها.

  • الخلايا الجذعية لدى البالغين. توجد هذه الخلايا الجذعية بأعداد قليلة في غالبية أنسجة البالغين، مثل نخاع العظم أو الدهون. ومقارنة بالخلايا الجذعية الجنينية، فالخلايا الجذعية لدى البالغين لديها قدرة محدودة في تشكيل عدة خلايا في الجسم.

    وحتى وقت قريب، اعتقد الباحثون أن الخلايا الجذعية لدى البالغين لا تستطيع سوى إنشاء أنواع مماثلة من الخلايا. على سبيل المثال، اعتقد الباحثون أن الخلايا الجذعية الموجودة في نخاع العظم لا تشكل سوى خلايا الدم.

    ولكن ظهر دليل على أن الخلايا الجذعية لدى البالغين تستطيع إنشاء أنواع عديدة من الخلايا. على سبيل المثال، قد تستطيع الخلايا الجذعية في النخاع العظمي إنشاء خلايا العظم أو عضلة القلب.

    وأدى هذا البحث إلى تجارب سريرية في مرحلة مبكرة لاختبار فوائدها وأمانها على البشر. فمثلًا، تخضع الخلايا الجذعية لدى البالغين إلى اختبارات حاليًّا لدى المصابين بمرض عصبي أو قلبي.

  • تحولت خلايا البالغين ليكون لها خصائص الخلايا الجذعية الجنينية (الخلايا الجذعية المستحثة عالية القدرة). نجح العلماء في تحويل الخلايا المنتظمة لدى البالغين إلى خلايا جذعية باستخدام إعادة البرمجة الوراثية. وبتغيير الجينات لدى البالغين، يمكن للباحثين إعادة برمجة الخلايا حتى تتشابه في وظائفها مع الخلايا الجذعية الجنينية.

    قد يتيح هذا الأسلوب الجديد للباحثين استخدام الخلايا المُعاد برمجتها بدلًا من الخلايا الجذعية الجنينية، وتفادي رفض الجهاز المناعي للخلايا الجذعية الجديدة. ومع ذلك، فلا يعرف العلماء بَعدُ ما إذا كان استخدام خلايا معدَّلة سيتسبب في آثار ضارة لدى البشر أم لا.

    أصبح الباحثون قادرين على أخذ خلايا النسيج الضام العادية، وإعادة برمجتها لتصبح خلايا قلب وظيفية. وفي الدراسات، فإن الحيوانات المصابة بفشل قلبي وحُقِنت بخلايا قلب جديدة، ظهر عليها تحسن في وظيفة القلب والبقاء على قيد الحياة.

  • الخلايا الجذعية قبل الولادة. لقد اكتشف الباحثون خلايا جذعية في السائل السلوي بالإضافة إلى دم الحبل السري. تمتلك هذه الخلايا الجذعية أيضًا القدرة على التغيير لتصبح خلايا متخصصة.

    يملأ السائل السلوي الكيس الذي يحيط بالجنين الذي ينمو في الرحم ويحميه. واستطاع الباحثون تحديد وجود خلايا جذعية في عينات السائل السلوي المسحوب من نساء حوامل لاختبار وجود تشوهات – إجراء يُطلق عليه اسم البزل السلي.

    ما تزال الحاجة قائمة لإجراء مزيد من الدراسة على الخلايا الجذعية من السائل السلوي لفهم قدراتها.

لماذا يوجد جدل بشأن استخدام الخلايا الجذعية الجنينية؟

يُحصل على الخلايا الجذعية الجنينية من الأجنة في المراحل المبكرة — وهي مجموعة من الخلايا تتشكل عند تخصيب بويضة المرأة بالحيوان المنوي للرجل في عيادة التلقيح الصناعي. وبسبب استخراج الخلايا الجذعية الجنينية البشرية من الأجنة، فقد أُثيرت أسئلة وقضايا متعددة بشأن أخلاقيات أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية ومدى مشروعيتها.

وقد وضع المعهد الوطني للصحة بأمريكا إرشادات لأبحاث الخلايا الجذعية البشرية في عام 2009. تضمنت هذه الإرشادات تعريف الخلايا الجذعية الجنينية وكيفية استخدامها في الأبحاث، وتتضمن توصيات للتبرع بالخلايا الجذعية الجنينية. كما نصت الإرشادات على أن الخلايا الجذعية الجنينية يمكن استخدامها فقط من الأجنة المولودة بالتلقيح الصناعي عند انعدام الحياة في الجنين.

من أين تأتي هذه الأجنة؟

تأتي الأجنة التي تُستخدَم في أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية من البويضات المخصبة في عيادات التلقيح الصناعي لكن لا تُزرَع أبدًا في رحم المرأة. يُتبرَّع بالخلايا الجذعية بموافقة مستنيرة من المتبرعين. يمكن أن تعيش الخلايا الجذعية وتنمو في محاليل خاصة في أنابيب اختبار أو أطباق “بتري” في المعامل.

لماذا يتعذر على الباحثين استخدام الخلايا الجذعية البالغة بدلاً من ذلك؟

رغم أن الأبحاث على الخلايا الجذعية البالغة مبشرة وواعدة، فقد لا تكون الخلايا الجذعية البالغة متنوعة ومستدامة مثل الخلايا الجذعية الجنينية. فقد لا تصبح الخلايا الجذعية البالغة قادرة على تحريكها لإنتاج كافة أنواع الخلايا، مما يحد من كيفية استخدام الخلايا الجذعية البالغة لعلاج الأمراض.

من المرجح أيضًا أن تحتوي الخلايا الجذعية البالغة على اضطرابات بسبب المخاطر البيئية، مثل السموم، أو وجود أخطاء تكتسبها الخلايا أثناء الانتشار. ومع ذلك، فقد اكتشف الباحثون أن الخلايا الجذعية البالغة أكثر تكيفًا عما كان متوقع.

ما هي سلالات الخلايا الجذعية ولماذا يرغب الباحثون في استخدامها؟

سلالة الخلايا الجذعية هي مجموعة من الخلايا المنحدرة جميعًا من خلية جذعية أصلية واحدة وتنمو في المختبر. تستمر الخلايا في سلالة الخلايا الجذعية في النمو لكنها لا تُخلَّق إلى خلايا متخصصة. من الناحية المثالية، تظل الخلايا خالية من العيوب الوراثية وتستمر في إنشاء المزيد من الخلايا الجذعية. يمكن أخذ مجموعات الخلايا من سلالة خلايا جذعية لتخزينها أو مشاركتها مع باحثين آخرين.

ما العلاج بالخلايا الجذعية (الطب التجديدي)، وكيف يسير العلاج؟

يعزز العلاج بالخلايا الجذعية، المعروف أيضًا باسم الطب التجديدي، استجابة إصلاح الأنسجة المريضة أو المختلة وظيفيًا أو المصابة باستخدام الخلايا الجذعية أو مشتقاتها. هذا هو الفصل التالي من زراعة الأعضاء واستخدام الخلايا عوضًا عن أعضاء المتبرع، والتي تُعد محدودة من حيث تقديمها.

يعمل الباحثون على نمو الخلايا الجذعية في المختبرات. ويتم توظيف هذه الخلايا الجذعية لتُستخدم خصيصًا في أنواع معينة من الخلايا مثل خلايا عضلة القلب، أو خلايا الدم، أو الخلايا العصبية.

يمكن بعد ذلك زراعة الخلايا المخصصة في شخص ما. فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص مصابًا بمرض في القلب، يمكن حقن الخلايا في عضلة القلب. وقد تساهم بعد ذلك خلايا عضلة القلب الصحية المزروعة في إصلاح عضلة القلب المعيبة.

وقد أوضح الباحثون بالفعل أن خلايا النخاع العظمي لدى الكبار والموجهة لأن تُصبح خلايا تشبه القلب قد تُصلح أنسجة القلب لدى الأشخاص ولا يزال يجري الباحثون المزيد من الأبحاث.

هل جرى استخدام الخلايا الجذعية بالفعل لعلاج الأمراض؟

نعم. لقد أجرى الأطباء عمليات زرع الخلايا الجذعية، وهي معروفة أيضًا باسم عمليات زرع النخاع العظمي. في عمليات زرع الخلايا الجذعية، تُستبدل الخلايا الجذعية الخلايا التالفة بسبب علاج كيميائي أو مرض ما أو تعمل كطريقة للنظام المناعي للمتبرع لمكافحة أنواع معينة من السرطان وبعض الأمراض المرتبطة بالدم، مثل سرطان الدم، والليمفومة، والورم الأورمي العصبي، والورم النقوي المتعدد. تَستخدم عمليات الزرع هذه الخلايا الجذعية البالغة أو دم الحبل السري.

يجري الباحثون اختباراتهم على الخلايا الجذعية البالغة لعلاج حالات مرضية أخرى، من بينها عدد من الأمراض التنكسية مثل فشل القلب.

ما المشكلات المحتمل حدوثها باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية على البشر؟

حتى ينتفع الناس بالخلايا الجذعية الجنينية، يجب على الباحثين التأكُّد من أن الخلايا الجذعية سوف تتمايز عن الخلايا المحدَّدة المطلوبة.

لقد اكتَشَف الباحثون طُرُقًا جديدة لتوجيه الخلايا الجذعية بحيث تُصبِح أنواعًا محدَّدة من الخلايا، مثل توجيه الخلايا الجذعية الجنينية لتصبح خلايا القلب. ولا تزال الأبحاث مستمرَّة في هذا المجال.

كما يُمْكِن أن تنمو الخلايا الجذعية الجنينية بشكل غير منتظم أو تتخصَّص بحيث تتحوَّل إلى أنواع خلايا مختلِفة تلقائيًّا. يَدرُس الباحثون كيفية التحكُّم في نمو الخلايا الجذعية الجنينية والتفريق والتمايُز بينها.

قد تطلق الخلايا الجذعية الجنينية الاستجابة المناعية وتحفِّزها، تلك المناعة التي فيها يهاجم جسمُ المتلقِّي الخلايا الجذعية كأجسام غريبة، أو قد تَفْشَل الخلايا الجذعية ببساطة في العمل بطريقة طبيعية، بعواقب غير معروفة. يُواصِل الباحثون دراسة كيفية تجنُّب هذه المضاعفات المحتمَلة.

ما الاستنساخ العلاجي، وما الفوائد التي قد يقدمها؟

إن الاستنساخ العلاجي، ويسمى أيضًا بنقل نواة الخلية الجسدية (SCNT)، هو أسلوب لخلق خلايا جذعية متنوعة مستقلة عن البويضات المخصبة. في هذا الأسلوب، تُزال الخلايا – التي تحتوي على المادة الوراثية – من البويضة غير المخصبة. كما تُزال النواة من الخلايا الجسدية من شخص متبرع.

ثم تُحقن نواة المتبرع في البويضة، لاستبدال النواة التي أزيلت، في عملية تسمى بالنقل النووي. ويُسمح للبويضة بالانقسام وتشكل قريبًا الكِيسة الأُرَيْميّة. تؤدي هذه العملية إلى إيجاد مجموعة من الخلايا الجذعية المتماثلة وراثيًّا مع المتبرع؛ والتي كانت في الأصل عبارة عن مجموعة خلايا مستنسَخة.

يعتقد بعض الباحثين أن الخلايا الجذعية المشتقة من الاستنساخ العلاجي قد توفر فوائد عن البويضات المخصبة؛ لأن احتمال رفض الخلايا المستنسخة يكون أقل بعد زرعها في المتبرع، بل قد تتيح للباحثين أيضًا معرفة كيفية تطور المرض بالضبط.

هل حقق الاستنساخ العلاجي نجاحًا لدى الأشخاص؟

لا لم يتمكن الباحثون من إجراء الاستنساخ العلاجي على البشر بنجاح رغم النجاح الذي تحقق في عدد من الفصائل الأخرى.

ومع ذلك، وفي الدراسات الحديثة، استطاع الباحثون إيجاد خلايا جذعية بشرية متعددة القدرات من خلال تعديل عملية الاستنساخ العلاجي. يستمر الباحثون في دراسة احتمالية الاستنساخ العلاجي لدى البشر.

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى