أبحاث ودراساتالأخباردراسات

النشاط الدماغي في مرحلة الطفولة المبكرة قد يتنبأ بمستوى الذكاء عند سن الثامنة عشرة

الطريقة التي يعمل بها دماغ الطفل الصغير أثناء الراحة قد تتنبأ بذكاءه النشط في وقت لاحق في الحياة.

قام باحثون في الولايات المتحدة وألمانيا بمتابعة دراسة سابقة في رومانيا ليظهروا، للمرة الأولى، كيف يمكن أن يؤثر تربية الطفل على قوة دماغه في سنوات متأخرة. بدأت الدراسة الشهيرة، المعروفة باسم مشروع التدخل المبكر في بوخارست (BEIP)، في أوائل العام 2000 وتتبع تطور التنمية المعرفية للأطفال المهجورين في رومانيا.

مقارنة القدرات المعرفية للأطفال الذين نشأوا في بيئة رعاية اجتماعية والأطفال الذين نشأوا في مؤسسات رعاية عندما بلغوا سن الثامنة عشرة، أظهرت أن الأطفال الذين نشأوا في المؤسسات كان لديهم معدلات أقل نسبيًا للذكاء.

في هذه الدراسة الأخيرة، وجد العلماء علاقة بين أنماط موجات الدماغ ودرجات الذكاء في نفس البيانات.

“تشير هذه النتائج إلى أن التغيرات التي تسببت فيها الخبرات في نشاط الدماغ في وقت مبكر من الحياة لها تأثير عميق على التطور المعرفي على المدى الطويل، مما يبرز أهمية التدخل المبكر لتعزيز التنمية الصحية لدى الأطفال الذين يعيشون في بيئات محرومة،” قال الباحثون.

اليوم، يُعتقد أن طريقة سلوك دماغ الإنسان أثناء الراحة تظل نسبيًا ثابتة على مر البلوغ، حتى وإن تباينت القوى العقلية النشطة مع التقدم في العمر.

ومع ذلك، لا يزال فهم كيفية تطوير هذا النشاط الثابت أثناء الراحة في سنوات الطفولة المبكرة مُبهمًا.

مع نمو الطفل البشري النموذجي من الطفل الرضيع إلى عمر العاشرة، يتميز نشاط دماغه أثناء الراحة عادةً بانخفاض أمواج الدماغ عالية التردد وزيادة أمواج الدماغ منخفضة التردد.
ترتبط الموجات البطيئة أثناء الراحة بتنقية الروابط العصبية غير الضرورية، مما يجعل الدماغ أكثر كفاءة عند مواجهة المهام العقلية بنشاط.

هذه الخطوة الرئيسية في تنمية المعرفة لدى الطفل، ولكن إذا حدثت بشكل مفرط أو لفترة طويلة، يمكن أن تصبح ضارة.

إذا لم يحصل الطفل الصغير على دعم عاطفي كاف أو تحفيز معرفي كاف، تشير الأدلة إلى أنه يمكن أن يؤثر ذلك على تطوره العصبي المعرفي، وربما من خلال التأثير على تنقية الأعصاب.

تدعم الدراسة الحالية، التي قادها باحثون في جامعة ماريلاند، هذه الفكرة.

أظهر تقييم الذكاء لدى 202 شخص في سن الثامنة عشرة كانوا قد شاركوا في دراسة بوخارست أن الأشخاص الذين كانت لديهم درجات أقل لديهم مزيد من نشاط الموجات البطيئة عندما كانوا أطفالاً.

تشير النتائج إلى أن نشاط الدماغ عالي التردد أثناء الراحة لدى الطفل يمكن أن يساهم بطريقة ما في تأثيرات التربية المؤسسية ووقت وضعه في الرعاية الاجتماعية.

يقول المؤلفون إن “الارتباط الكبير” الذي تم التعرف عليه “بصورة خاصة” نظرًا للفترة الزمنية الطويلة بين القياسات وعدد العوامل الشخصية والبيئية التي يمكن أن تؤثر في تطور المعرفة في مراحل الحياة المبكرة.

دراسات سابقة أيضًا وجدت أن الموجات الدماغية البطيئة خاصة حساسة للعوامل البيئية، مثل الفقر أو العوامل الاجتماعية والثقافية. ولكن هذه الدراسة هي أول دراسة تربط بين الموجات الدماغية البطيئة في الطفولة وتأثيرات متعددة الأوجه على التنمية المعرفية على المدى البعيد في سنوات الشباب.

سيكون هناك حاجة إلى دراسات إضافية على مجموعات أكبر لتأكيد هذا الارتباط، وعلماء الأعصاب سيحتاجون إلى التحقيق في كيفية تأثير الموجات الدماغية البطيئة على التغييرات المعرفية على المدى الطويل عمليًا.

على الرغم من أن هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به، يأمل علماء الأعصاب أن يمكنهم في يوم من الأيام استخدام موجات الدماغ في مرحلة الرضيع للتعرف بسرعة على الأطفال الذين يحملون مخاطر مرتفعة لتطور معرفي ضعيف وأيضًا لمساعدتهم في التنبؤ بالمناطق التي يمكن أن يساعد فيها التدخل المبكر الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلمية ليحققوا نتائج أفضل في الحياة لاحقًا.

تم نشر الدراسة في مجلة “العلوم العصبية للتنمية المعرفية“.

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى