نقص حاد في المستلزمات الطبية يهدد بانهيار الخدمات الصحية في مستشفيات قطاع غزة
القطاع الصحي في غزة يواجه أزمة غير مسبوقة مع توقف العمليات الجراحية
تواجه المنظومة الصحية في قطاع غزة واحدة من أخطر أزماتها منذ بداية الحرب، في ظل نقص حاد ومتفاقم في الأدوية والمستلزمات الطبية، ما يهدد بشكل مباشر حياة آلاف المرضى ويقوض قدرة المستشفيات على الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية. هذه الأزمة تأتي في وقت تعمل فيه المشافي المتبقية بأقل من طاقتها، وتعاني أصلًا من آثار التدمير والاستنزاف المستمر.
وبحسب تصريحات مدير دائرة الرعاية والصيدلة في وزارة الصحة بغزة الدكتور علاء حلس، فإن مستوى نقص المستلزمات الطبية في مشافي القطاع تجاوز النسب المقبولة طبيًا، ووصل إلى مرحلة خطيرة تنعكس بشكل مباشر على حياة المرضى. وأوضح أن عددًا من المستشفيات اضطرت إلى إيقاف العمليات الجراحية، سواء المجدولة أو الطارئة، ومن بينها مستشفى الكويتي التخصصي جنوبي قطاع غزة، نتيجة عدم توفر مستلزمات العمليات والتخدير.
وأشار حلس إلى أن نحو 38% من العمليات الجراحية تأثرت بشكل كبير بسبب النقص الحاد في المستلزمات الطبية الأساسية، محذرًا من أن استمرار هذا النقص قد يؤدي خلال فترة قصيرة إلى تعطل حتى العمليات الطارئة، ما يعني ارتفاعًا خطيرًا في أعداد الوفيات والمضاعفات الطبية التي يمكن تفاديها في الظروف الطبيعية.
وبيّن أن السبب الرئيسي لتفاقم الأزمة يعود إلى القيود المفروضة على إدخال الإمدادات الطبية، حيث لا يُسمح بدخول سوى نحو 30% فقط من الاحتياجات الشهرية للمستشفيات منذ وقف إطلاق النار في شهر أكتوبر الماضي، وهو ما لا يلبي الحد الأدنى من متطلبات العمل الصحي في قطاع يعاني من أعداد هائلة من الجرحى والمرضى.
وتنعكس هذه الأزمة على شريحة واسعة من السكان، إذ يُقدَّر أن نحو 200 ألف مريض سيتأثرون بشكل مباشر من نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، من بينهم 700 مريض يتلقون العلاج شهريًا في أقسام العناية المركزة، إضافة إلى نحو 10 آلاف مريض يحتاجون إلى عمليات جراحية بشكل دوري. كما تستقبل أقسام الطوارئ في المستشفيات ما يقارب 200 ألف حالة شهريًا، في وقت لا تتوفر فيه سوى إمكانيات تغطي قرابة 30% فقط من الاحتياج الفعلي.
وتحذر وزارة الصحة من أن هذا الواقع ينذر بخطر حقيقي على حياة آلاف المرضى، خاصة الحالات الحرجة والمزمنة، في ظل نظام صحي يعاني أصلًا من تبعات حرب الإبادة، ونقص الوقود، وتضرر البنية التحتية الطبية. ومع استمرار القيود على إدخال المستلزمات، تبدو المستشفيات أمام سيناريو كارثي قد يؤدي إلى انهيار شبه كامل للخدمات الصحية.
ويؤكد مختصون في الشأن الصحي أن إنقاذ ما تبقى من المنظومة الصحية في غزة يتطلب تدخلاً عاجلًا وفعّالًا من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، عبر ضمان تدفق مستمر وآمن للأدوية والمستلزمات الطبية، وتوفير الحماية للمرافق الصحية، قبل أن تتحول الأزمة الحالية إلى كارثة صحية شاملة لا يمكن احتواؤها.





